داء السكري

السُّكَّري أو الداء السكري أو المرض السكري أو البوال السكري

 هو متلازمة تتصف باضطراب الاستقلاب وارتفاع شاذ في تركيز سكر الدم الناجم عن عوز الأنسولين، أو انخفاض حساسية الأنسجة للأنسولين، أو كلا الأمرين. يؤدي السكري إلى مضاعفات خطيرة أو حتى الوفاة المبكرة، إلا أن مريض السكري يمكنه أن يتخذ خطوات معينة للسيطرة على المرض وخفض خطر حدوث المضاعفات. يعاني المصابون بالسكري من مشاكل تحويل الغذاء إلى طاقة (الأيض)، فبعد تناول وجبة الطعام ، يتم تفكيكه إلى سكر يدعى الغلوكوز ينقله الدم إلى جميع خلايا الجسم. وتحتاج أغلب خلايا الجسم إلى الأنسولين ليسمح بدخول الغلوكوز من الوسط بين الخلايا إلى داخل الخلايا.

كنتيجة للإصابة بالسكري، لا يتم تحويل الغلوكوز إلى طاقة مما يؤدي إلى توفر كميات زائدة منه في الدم بينما تبقى الخلايا متعطشة للطاقة. ومع مرور السنين، تتطور حالة من فرط سكر الدم (باللاتينية: hyperglycemia) الأمر الذي يسبب أضراراً بالغة للأعصاب و الأوعية الدموية، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفات مثل أمراض القلب والسكتة وأمراض الكلى والعمى واعتلال الأعصاب والتهابات اللثة، بل ويمكن أن يصل الأمر إلى بتر الأعضاء.
 

الأعراض التي توحي بهذا المرض

  • زيادة في عدد مرات التبول بسبب البوال (زيادة كمية البول) بسبب ارتفاع الضغط التناضحي.
  • زيادة الإحساس بالعطش و تنتج عنها زيادة تناول السوائل لمحاولة تعويض زيادة التبول.
  • التعب الشديد والعام
  • فقدان الوزن رغم تناول الطعام بانتظام
  • شهية أكبر للطعام
  • تباطؤ شفاء الجروح
  • تغيّم الرؤية.

وتقل حدة هذه الأعراض إذا كان ارتفاع تركيز سكر الدم طفيفاً، أي إنه هناك تناسب طردي بين هذه الأعراض وسكر الدم.

التصنيف

و يُعرف النمطين الرئيسيين المسببين لمرض السكري بالنمط الأول والنمط الثاني. و قد حل مصطلح النمط الأول من السكري العديد من المصطلحات السابقة مثل سكري الأطفال أو السكري المعتمد على الأنسولين و بالمثل حل مصطلح النمط الثاني محل مصطلحات مثل سكري البالغين أو السكري المرتبط بالبدانة أو السكري الغير معتمد على الأنسولين و بخلاف هذين النمطين لا يوجد نظام تسمية قياسية متفق عليه لبقية الأنواع فمثلاً تسمي بعض الجهات النمط الثالث من السكري بسكري الحوامل ، و كذلك يوجد نمط آخر يُسمى النمط الأول من السكري المقاوم للأنسولين (أو السكري المُضاعف) و هو في الواقع النمط الثاني من السكري قد تطور فأصبح المريض بحاجة لحقن الأنسولين. و يوجد نمط يُسمى سكري البالغين الذي تسببه مناعة ذاتية كامنة (أو النمط واحد و نصف). و يوجد أيضاً سكري النضوج الذي يصيب المريض قبل بلوغه سن الثلاثين وهو عبارة عن مجموعة من الاضطرابات الجينية الفردية مصحوبة بسوابق عائلية قوية في الإصابة بمرض النمط الثاني من السكري.

سكري النمط الأول

يتميز النمط الأول من السكري بخسارة الخلايا بيتا المنتجة للأنسولين في خلايا لانغرهانس بالبنكرياس مما يؤدي إلى نقص الأنسولين. والسبب الرئيسي لهذه الخسارة هو مناعة ذاتية  تتميز بهجوم الخلايا تاء المناعية على خلايا بيتا المنتجة للأنسولين. و لا توجد وسيلة للوقاية من الإصابة بالنمط الأول من السكري الذي يمثل 10% من حالات مرضى السكري في أمريكا الشمالية و أوروبا (مع اختلاف التوزيع الجغرافي) و معظم المصابون بالمرض كانوا أما بصحة جيدة أو ذي أوزان مثالية عندما بدأت أعراض المرض بالظهور. و تكون استجابتهم لمفعول الأنسولين عادية (لا توجد مقاومة) خصوصاً في المراحل الأولى. يمكن للنمط الأول أن يصيب الأطفال أو البالغين و لكنه معروف تقليدياً بسكري الأطفال لأن معظم المصابون به من الأطفال.

و يُعالج النمط الأول بصورة أساسية – حتى أثناء المراحل الأولى – بحقن الأنسولين مع المراقبة المستمرة لمستويات جلوكوز الدم. و يمكن أن يصاب المريض الذي لا يتعاطى الأنسولين بالحماض الكيتوني السكري الذي يؤدي إلى غيبوبة أو الوفاة. و يجب التأكيد على المريض بأن يضبط أسلوب حياته خصوصاً فيما يتعلق بالقوت و تمرينات رياضية على الرغم من أن كل ذلك لا يمكنه أن يعوض خسارة الخلايا بيتا. و بعيداً عن الاستخدام التقليدي لحقن الأنسولين تحت الجلد، يمكن توصيل الأنسولين للدم عن طريق مضخة – يمكنها تسريب الأنسولين على مدار اليوم و بمستويات معينة – كما يمكن التحكم في الجرعات (مثل إعطاء جرعة كبيرة) – حسب الحاجة – في أوقات الوجبات. كما كان يوجد أيضاً نوع من الأنسولين يمكن استنشاقه يسمى " اكسوبيرا " الذي اعتمدته (وكالة العقار الأمريكية FDA) في يناير 2006 و لكن شركة فايزر أوقفت إنتاجه في أكتوبر 2007.

و يستمر علاج النمط الأول من السكري بلا نهاية. و لا يؤثر العلاج بصورة كبيرة على الأنشطة الحياتية للمريض إذا كان هناك تعود و وعي و رعاية سليمة و كذلك انتظام في أخذ الجرعات و قياس مستوى غلوكوز الدم. و لأن إتباع العلاج يكون ثقيلاً على المرضى ، فإن الأنسولين يُؤخد بطريقة غير سوية و بعيدة كل البعد عن النظام المفترض. و يجب أن يكون متوسط مستوى غلوكوز الدم بالنسبة للنمط الأول قريباً قدر الإمكان من المستوى الطبيعي الآمن (80 – 120 مليجرام / ديسيلتر أو 4 – 6 مليمول / لتر) و يرجح بعض الأطباء أن يكون مستوى غلوكوز الدم 140 – 150 مجم / ديلتر (7 – 7,5 مليمول / لتر) للمرضى الذين يعانون إذا كان مستوى غلوكوز الدم منخفضا لديهم (يحدث لهم انخفاض متكرر في مستوى غلوكوز الدم). أما المستويات الأعلى من 200 مجم / ديسيلتر (10 مليمول / لتر) يصاحبها في بعض الأحيان عدم راحة و تبول متكرر يؤدي إلى جفاف. و المستويات الأعلى من 300 مجم / ديسيلتر (15 مليمول / لتر) تتطلب عادة العلاج لأنها يمكنها أن تؤدي لالحماض الكيتوني السكري لكنها لا تهدد حياة المريض على أي حال. أما المستويات المنخفضة لغلوكوز الدم فيمكنها أن تسبب تشنجات أو فترات من فقد الوعي و من الضروري و بشدة علاجها في الحال.

سكري النمط الثاني

يتميز النمط الثاني من السكري باختلافه عن النمط الأول من حيث وجود مقاومة مضادة لمفعول الأنسولين بالإضافة إلى قلة إفراز الأنسولين. و لا تستجيب مستقبلات الأنسولين الموجودة في الأغلفة الخلوية لمختلف أنسجة الجسم بصورة صحيحة للأنسولين. بالمراحل الأولى تكون مقاومة الأنسولين هي الشذوذ الطاغي في استجابة الأنسجة للأنسولين و مصحوبة بارتفاع مستويات أنسولين في الدم. و في هذه المرحلة يمكن تقليل مستوى غلوكوز الدم عن طريق وسائل و أدوية تزيد من فاعلية الأنسولين و تقلل إنتاج الغلوكوز من الكبد. و كلما تطور المرض تقل كفاءة إفراز الأنسولين من البنكرياس و تصبح هناك حاجة لحقن الأنسولين.

و توجد العديد من النظريات التي تحاول تحديد سبب و آلية الإصابة بالنمط الثاني من السكري. و من المعروف أن الكرش (الدهون التي تتركز حول الوسط على الأعضاء داخل البطن و ليس الدهون تحت الجلد) تؤدي إلى مقاومة الأنسولين. و تنشط الدهون هرمونياً و تفرز مجموعة من الهرمونات التي تقلل من فاعلية الأنسولين. و يعاني من السمنة 55 % من المرضى المصابين بـالنمط الثاني من السكري. و توجد عوامل أخرى مثل التقدم بالعمر ( حوالي 20 % من المسنين يعانون من السكري في أمريكا الشمالية ) و تاريخ العائلة ( يشيع النمط الثاني أكثر في الأفراد الذين لديهم أقارب عانوا منه سابقاً ) و قد بدأ النمط الثاني بإصابة الأطفال و المراهقين باضطراد في العقد السابق و ربما يرجع ذلك إلى انتشار سمنة الأطفال في بعض الأماكن في العالم.

و يمكن أن يستمر النمط الثاني بدون ملاحظة المريض لفترة طويلة بسبب ضعف ظهور الأعراض أو بسبب عدم وضوحها أو اعتبارها مجرد حالات فردية عابرة لا توحي بوجود مرض. وعادة لا يعاني المريض من الحماض الكيتوني. و لكن يمكن أن تنتج مضاعفات خطيرة من عدم ملاحظة المرض مثل قصور كلوي الناتج عن اعتلال الكلى السكري أو مرض وعائي (مثل مرض في الشريان التاجي) أو مرض في العين ناتج عن اعتلال الشبكية السكري أو فقد الإحساس بالألم بسبب اعتلال الأعصاب السكري أو تلف الكبد ناتج عن التهاب كبدي دهني لا كحولي (أي أن سببه ليس مشروبات كحولية كما يحدث في العادة).

و يبدأ علاج النمط الثاني عادة عن طريق زيادة النشاط البدني و تقليل تناول النشويات وتقليل الوزن. و يمكن لهذه الإجراءات أن تستعيد فاعلية الأنسولين حتى لو كان فقد الوزن قليلاً (5 كيلوغرامات على سبيل المثال) خصوصاً لو كان من منطقة الكرش و يمكن في بعض الحالات التحكم في مستوى غلوكوز الدم بصورة جيدة بواسطة هذه الإجراءات فقط و لفترة طويلة و لكن ميل الجسم لمقاومة الأنسولين لا ينتهي و لذلك يجب الانتباه إلى مواصلة النشاط البدني وفقد الوزن والحفاظ على نظام غذائي مناسب للمرض. و تكون الخطوة التالية من العلاج عادة هي تناول الأقراص المخفضة للسكر. ويضعف إنتاج الأنسولين إلى حد ما في بداية النمط الثاني من السكري و لذلك يمكن تعاطي دواء عن طريق الفم (يُستعمل في العديد من الوصفات الطبية التي تحتوي على مجموعة من الأدوية) لتحسين إنتاج الأنسولين (عائلة السلفونيل يوريا) أو لتنظيم الإفراز غير المناسب للغلوكوز من الكبد ولإضعاف مقاومة الأنسولين إلى حد ما (الميتفورمين) أو لإضعاف مقاومة الأنسولين بصورة كبيرة (مثل الثيازوليدينديونات). و قد وجدت إحدى الدراسات أن بمقارنة المرضى البدناء الذين يتعاطون الميتفورمين بأولئك الذين يعتمدون على ضبط النظام الغذائي فقط فإن تعاطي الميتفورمين يقلل احتمال إصابة بمضاعفات خطيرة بنسبة 32% و يقل احتمال الموت بسبب مرض السكري بنسبة 42% بل وتقل لديهم احتمال الوفاة أو الإصابة بالسكتة الدماغية لأي سبب بنسبة 36%. و يمكن للدواء الفموي أن يفشل في النهاية بسبب الضعف المتواصل لإفراز الأنسولين من الخلايا بيتا وعند الوصول لهذه المرحلة يجب تعاطي حقن الأنسولين للتحكم في غلوكوز الدم.

يماثل سكري الحوامل النمط الثاني في العديد من الأوجه فعلى سبيل المثال يتشابهان في قلة الأنسولين النسبية و ضعف استجابة أنسجة الجسم لمفعول الأنسولين. و يعاني حوالي 2 – 5% من الحوامل من هذا المرض و لكنه يختفي أو تتحسن حالة الأم بعد الولادة. و يمكن الشفاء من سكري الحوامل بصورة نهائية و لكنه يتطلب مراقبة طبية دقيقة أثناء فترة الحمل. و لكن حوالي 20 – 50% من الأمهات اللاتي عانين من سكري الحوامل يمكن أن يصابوا بالنمط الثاني في مراحل لاحقة من حياتهم.

و على الرغم من أن الإصابة وقتية و ليست دائمة إلا أن سكري الحوامل يمكن أن يدمر صحة الأم الحامل أو صحة الجنين. و من المخاطر التي يتعرض لها الجنين : تضخم جسد الجنين ( زيادة وزنه عند الولادة ) ، تشوهات في القلب أو الجهاز العصبي المركزي و كذلك تشوهات في الجهاز الهيكلي. و يمكن لزيادة نسبة الأنسولين في الجنين أن تمنع إنتاج المواد السطحية و تؤدي لمتلازمة ضيق التنفس و يمكن أن يحدث يرقان نتيجة تدمير خلايا الدم الحمراء. و في الحالات الخطيرة يمكن أن يموت الجنين قبل الولادة و يحدث ذلك في معظم الحالات نتيجة قلة التغذية عبر المشيمة بسبب ضعف الأوعية الدموية. و يمكن حث الولادة في حالة هبوط وظيفة المشيمة. و يمكن إجراء عملية قيصرية إذا كان هناك صعوبة في إخراج الجنين أو احتمال إصابته نتيجة تضخم جسده مثل صعوبة إخراج الكتفين.
 

الأنماط الأخرى من السكري

توجد العديد من المسببات النادرة لمرض السكري التي لا يمكن تصنيفها كنمط أول أو ثان أو سكري الحوامل. و تثير محاولات تصنيفها الكثير من الجدل. يوجد بعض الحالات من السكري تسببها عدم استجابة مستقبلات الأنسولين على أنسجة الجسم (حتى لو كانت مستويات الأنسولين طبيعية، وهذا يجعل هذه الحالة مختلفة عن النمط الثاني) وهذا النمط نادر جداً.

كما أن الطفرات الجينية (في الصبغة أو في الميتوكوندريا) يمكن أن تؤدي إلى تشوهات في وظيفة الخلايا باء. و يُعتقد أنه قد تم تحديد السبب الجيني لتشوه مفعول الأنسولين. ويمكن لأي مرض يصيب البنكرياس أن يؤدي للسكري (على سبيل المثال، التهاب البنكرياس المزمن أو التليف الخلوي) وكذلك الأمراض التي تصاحبها إفراز زائد لهرمونات مضادة للأنسولين (التي يمكن علاجها عندما تختفي الزيادة في هذا الهرمونات). و توجد العديد من الأدوية التي تضعف إفراز الأنسولين كما توجد بعض السميات التي تدمر الخلايا باء. و يوجد نمط من السكري يسمى السكري المرتبط بسوء التغذية وهي تسمية أنكرتها منظمة الصحة العالمية عندما أصدرت نظام التسمية المستعمل حالياً من عام 1999 

منظمة الصحة العالمية

تقسم منظمة الصحة العالمية السكري إلى ثلاثة أنماط رئيسية وهي سكري النمط الأول وسكري النمط الثاني وسكري الحوامل. وكل نمط له أسباب وأماكن انتشار في العالم. ولكن تتشابه كل أنماط السكري في أن سببها هو عدم إنتاج كمية كافية من الأنسولين من قبل خلايا بيتا في البنكرياس ولكن أسباب عجز هذه الخلايا عن ذلك تختلف باختلاف النمط. فسبب عجز خلايا بيتا عن إفراز الأنسولين الكافي في النمط الأول يرجع إلى تدمير (مناعي ذاتي) لهذه الخلايا
 
في البنكرياس، بينما يرجع هذا السبب في النمط الثاني إلى وجود مقاومة الأنسولين في الأنسجة التي يؤثر فيها، أي إن هذه الأنسجة لا تستجيب لمفعول الأنسولين مما يؤدي إلى الحاجة لكميات مرتفعة فوق المستوى الطبيعي للأنسولين فتظهر أعراض السكري عندما تعجز خلايا بيتا عن تلبية هذه الحاجة. أما سكري الحوامل فهو مماثل للنمط الثاني من حيث أن سببه أيضاً يتضمن مقاومة الأنسولين لأن الهرمونات التي تُفرز أثناء الحمل يمكن أن تسبب مقاومة الأنسولين عند النساء المؤهبات وراثياً.

وجدت دراسة أُجريت في الولايات المتحدة في 2008 أن العديد من النساء الأمريكيات تعانين من السكري أثناء الحمل و في الحقيقة أن معدل الإصابة بسكري الحوامل (Gestational diabetes) ازداد إلى أكثر من الضعف في السنوات الست الأخيرة و هذا يُسبب مشكلات كثيرة لأن السكري يزيد من خطر المضاعفات أثناء الحمل، كما يزداد خطر تطور السكري عند المولود في المستقبل.

و بينما تُشفى الأم الحامل بمجرد وضع الطفل في النمط الثالث إلا أن النمطين الأول والثاني يلازمان المريض. وأمكن علاج جميع أنماط السكري منذ أن أصبح الأنسولين متاحاً طبياً عام 1921.

و يُعالج النمط الأول – الذي فيه لا يفرز البنكرياس الأنسولين – مباشرة عن طريق حقن الأنسولين بالإضافة إلى ضبط نمط الحياة والقوت. و يمكن علاج النمط الثاني بالمزج بين القوت ( ضبط التغذية) و تناول الحبوب والحقن وفي بعض الأحيان الحقن بالأنسولين.

وبينما كان الأنسولين يُنتج في الماضي من مصادر طبيعية مثل بنكرياس الخنزير، إلا أن معظم الأنسولين المُستخدم حالياً يُنتج عن طريق الهندسة الجينية. أما عن طريق الاستنساخ المباشر من الأنسولين البشري أو أنسولين بشري معدل لكي يعطي سرعة وفترة تأثير مختلفة. ويمكن زرع مضخة أنسولين تضخه باستمرار تحت الجلد.

يمكن لمرض السكري أن يسبب العديد من المضاعفات – و هي مضاعفات قصيرة آو طويلة المدى – فالمضاعفات قصيرة المدى هي نقص سكر الدم ، الحماض الكيتوني أو غيبوبة فرط الأسمولية اللاكيتونية بسبب ارتفاع الضغط الإسموزي للدم. وتحدث هذه المضاعفات إذا كان المريض لا يلقى العناية الكافية. أما المضاعفات الخطيرة طويلة المدى فتشمل أمراض الجهاز الدوري (كالأمراض القلبية الوعائية، و يصبح احتمال الإصابة بها مُضاعفاً بوجود السكري) ، كما تشمل المضاعفات حدوث قصور كلوي مزمن، تلف الشبكية الذي يمكنه أن يؤدي للعمى، تلف الأعصاب وله أنواع كثيرة، تلف الشعيرات الدموية الذي يمكن أن يؤدي للعقم وبطء التئام الجروح. ويمكن أن يؤدي بطء التئام الجروح – خصوصاً جروح القدمين – إلى الغنغرينة التي يمكن أن تؤدي إلى البتر.

فيمكن للرعاية الكافية للمرض بالإضافة إلى التأكد من التحكم في ضغط الدم و كذلك العوامل التي تؤثر في أسلوب حياتنا بالإيجاب مثل التوقف عن التدخين وتنزيل الوزن والحفاظ على قوام رشيق أن تقلل من مخاطر المضاعفات التي سبق ذكرها. و يُعتبر مرض السكري أهم مسبب للعمى بالنسبة للبالغين غير المسنين في العالم المتقدم و هو السبب الأول لبتر الأطراف بدون وجود إصابة فيها بالنسبة للبالغين أيضاً و كذلك فإن القصور الكلوي السكري هو السبب الرئيسي الذي يتطلب الديال الدموي في الولايات المتحدة.

العلامات والأعراض.

الأعراض المتعارف عليها تقليدياً لمرض السكري هي زيادة التبول و زيادة العطش و بالتالي زيادة تناول السوائل وزيادة الشهية لتناول الطعام. و يمكن لهذه الأعراض أن تتطور سريعاً (خلال أسابيع أو شهور) في النمط الأول خصوصاً إذا كان المريض طفلاً. و على العكس من ذلك فإن تطور الأعراض في النمط الثاني أكثر بطأً و صعبة الملاحظة بل و يمكن أن تكون غائبة تماما. ويمكن أن يسبب النمط الأول فقدان سريع للوزن و لكنه كبير ( على الرغم من أن تناول المرضى للطعام يكون طبيعياً أو حتى زائداً ) كما يمكنه أن يسبب خمول و تعب مستمر. و تظهر كل هذه الأعراض ماعدا فقدان الوزن في مرضى النمط الثاني الذين لا يولون المرض الرعاية الكافية.

و عندما يرتفع تركيز غلوكوز الدم أعلى من الحد الأقصى لقدرة الكلى، لا تكتمل إعادة امتصاص الغلوكوز في الأنبوب الملتف الداني ويبقى جزء من الغلوكوز في البول و يزيد الضغط الاسموزي للبول و يمنع إعادة امتصاص الماء بواسطة الكلية مما يؤدي إلى زيادة إنتاج البول و بالتالي فقدان سوائل الجسم. و يحل الماء الموجود في خلايا الجسم محل الماء المفقود من الدم إسموزياً و ينتج عن ذلك جفاف وعطش.

و يسبب ارتفاع تركيز غلوكوز الدم لفترات طويلة إلى امتصاص الغلوكوز مما يؤدي إلى تغيرات في شكل العدسات في العين و ينتج عنه تغيرات في الإبصار و يشكو مرضى السكري عموماً من الرؤية المشوشة و يمكن تشخيصه عن طريقها.و يجب الافتراض دائماً أن المريض مصاب بالنمط الأول من السكري في حالات تغير الإبصار السريع بينما يكون النمط الثاني عادة متدرج في سرعته. و لكن يجب افتراض الإصابة به أيضاً.

و يعاني مرضى السكري (عادة مرضى النمط الأول) من تحمض الدم الكيتوني، و هي حالة متدهورة نتيجة عدم انتظام التمثيل الغذائي تتميز بوجود رائحة الأسيتون في نفس المريض ، سرعة و عمق التنفس ، زيادة التبول ، غثيان ، استفراغ و مغص و كذلك تتميز بوجود حالة متغيرة من حالات فقدان الوعي أو الاستثارة (مثل العدوانية أو الجنون و يمكن أن تكون العكس : اضطراب و خمول). و عندما تكون الحالة شديدة، يتبعها غيبوبة تؤدي إلى الموت. و لذلك فإن تحمض الدم الكيتوني هو حالة طبية خطيرة تتطلب إرسال المريض للمستشفى.

و توجد حالة أخرى تسمى الحالة اللاكيتونية و هي حالة نادرة و لكنها على نفس درجة خطورة تحمض الدم الكيتوني. و تحدث أكثر بالنسبة لمرضى النمط الثاني و سببها الرئيسي هو الجفاف نتيجة لفقد ماء الجسم. وتحدث عندما يشرب المريض كميات كبيرة من المشروبات السكرية مما يؤدي لفقدان كميات كبيرة من الماء.

الجينات و السكري

تلعب الوراثة دوراً جزئيا في إصابة المريض بالنمطين الأول و الثاني. و يُعتقد بأن النمط الأول من السكري تحفزه نوع ما من العدوى ( فيروسية بالأساس ) أو أنواع أخرى من المحفزات على نطاق ضيق مثل الضغط النفسي أو الإجهاد و التعرض للمؤثرات البيئية المحيطة ( مثل التعرض لبعض المواد الكيمائية أو الأدوية ). و تلعب بعض العناصر الجينية دوراً في استجابة الفرد لهذه المحفزات. و قد تم تتبع هذه العناصر الجينية فوجد أنها أنواع جينات متعلقة بتوجيه كرات الدم البيضاء لأي أضداد موجودة في الجسم ( أي إنها جينات يعتمد عليها الجهاز المناعي لتحديد خلايا الجسم التي لا يجب مهاجمتها من الأجسام التي يجب مهاجمتها ). و على الرغم من ذلك فإنه حتى بالنسبة لأولئك الذين ورثوا هذه القابلية للإصابة بالمرض يجب التعرض لمحفز من البيئة المحيطة للإصابة بالمرض. و يحمل قلة من الناس المصابين بالنمط الأول من السكري جين متحور يسبب سكري النضوج الذي يصيب اليافعين.

و تلعب الوراثة دوراً أكبر في الإصابة بالنمط الثاني من السكري خصوصاً أولئك الذين لديهم أقارب درجة أولى. و يزداد احتمال إصابتهم بالمرض بازدياد عدد الأقارب المصابين. فنسبة الإصابة به بين التوائم المتماثلة ( من نفس البويضة ) تصل على 100%، و تصل إلى 25% لأولئك الذين لديهم تاريخ عائلي في الإصابة بالمرض. و تتضمن الجينات المرشحة بأنها تسبب المرض جين يُسمى KCNJ11 ( القنوات التي تصحح اتجاه أيون البوتاسيوم إلى داخل الخلية ، العائلة الفرعية J ، الرقم 11) و يقوم هذا الجين بتشفير قنوات البوتاسيوم الحساسة للأدينوسين ثلاثي الفوسفات ATP. و كذلك جين KCF7L2 ( عامل نسخ ) الذي ينظم التعبير الجيني للبروجلوكاجون الذي ينتج جلوكاجون مشابه للبيبتيدات و أكثر من ذلك فإن البدانة ( و هي عامل مستقل في زيادة احتمال الإصابة بالنمط الثاني من السكري ) تُورث بصورة كبيرة.

و تلعب العديد من الحالات الوراثية دوراً كبيراً في الإصابة بالسكري مثل الحثل العضلي ، رنح فريدريك و كذلك فإن متلازمة ولفرام هي اختلال صبغي مرتد يسبب ضمور الأعصاب تظهر أثناء مرحلة الطفولة و هي تتكون من البول الماسخ ، البول السكري ، ضمور العين و الصمم.

أسباب المرض

إن الأنسولين هو الهرمون الأساسي الذي ينظم نقل الغلوكوز من الدم إلى معظم خلايا الجسم ( خصوصاً الخلايا العضلية و الخلايا الدهنية ، و لكن لا ينقله إلى خلايا الجهاز العصبي المركزي ). و لذلك يؤدي نقص الأنسولين أو عدم استجابة الجسم له إلى أي نمط من أنماط السكري.

تتحول معظم الكربوهيدرات في الطعام إلى غلوكوز أحادي خلال ساعات قليلة. و هذا الغلوكوز الأحادي هو الكربوهيدرات الرئيسي في الدم الذي يُستخدم كوقود في الخلايا. و يُفرز الأنسولين في الدم بواسطة خلايا بيتا في جزر لانغرهانس بالبنكرياس كرد فعل على ارتفاع مستويات غلوكوز الدم بعد الأكل. و يستخدم الأنسولين حوالي ثلثان خلايا الجسم لامتصاص الغلوكوز من الدم أو لاستخدامه كوقود للقيام بعمليات تحويلية تحتاجها الخلية لإنتاج جزيئات أخرى أو للتخزين. و كذلك فإن الأنسولين هو المؤشر الرئيسي لتحويل الغلوكوز إلى جليكوجين لتخزينه في داخل الكبد أو الخلايا العضلية. و يؤدي انخفاض مستويات الغلوكوز إلى تقليل إفراز الأنسولين من الخلايا باء و إلى التحويل العكسي إلى الجليكوجين الذي يعمل في الاتجاه المعاكس للأنسولين. وبذلك يُسترجع الغلوكوز من الكبد إلى الدم ؛ بينما تفتقد الخلايا العضلية آلية تحويل الجليكوجين المخزن فيها إلى غلوكوز.

 

آلية إفراز الأنسولين في الخلايا باء الطبيعية. يُنتج الأنسولين بمعدل أقل أو أكثر ثباتاً بغض النظر عن مستويات غلوكوز الدم. و يُخزن داخل فجوات للاستعداد لإفرازه بواسطة الإخراج الخلوي الذي يُحفز بزيادة مستويات غلوكوز الدم.

تؤدي زيادة مستويات الأنسولين إلى زيادة عمليات البناء في الجسم مثل نمو الخلايا و زيادة عددها ، تخليق البروتين و تخزين الدهون. و يكون الأنسولين هو المؤشر الرئيسي في تحويل اتجاه العديد من عمليات التمثيل الغذائي ثنائية الاتجاه من الهدم إلى البناء و العكس. وعندما يكون مستوى غلوكوز الدم منخفضاً فإنه يحفز حرق دهون الجسم. و إذا كانت كمية الأنسولين المتاحة غير كافية ، أو إذا كانت استجابة الخلايا ضعيفة لمفعول الأنسولين ( مقاومة أو مناعة ضد الأنسولين ) ، فلن يُمتص الغلوكوز بطريقة صحيحة من خلايا الجسم التي تحتاجه و لن يُخزن الغلوكوز في الكبد و العضلات بصورة مناسبة. و بذلك تكون المحصلة النهائية هي استمرار ارتفاع مستويات غلوكوز الدم ، ضعف تخليق البروتين و بعض اضطرابات التمثيل الغذائي مثل تحمض الدم.

التشخيص

يُشخص النمط الأول و العديد من حالات النمط الثاني من السكري بناء على الأعراض الأولية التي تظهر في بداية المرض مثل كثرة التبول و العطش الزائد و قد يصاحبها فقد للوزن و تتطور هذه الأعراض عادة على مدار الأيام و الأسابيع. و يعاني حوالي ربع الناس المرضى بالنمط الأول من السكري من تحمض الدم الكيتوني عندما يتم إدراك أصابتهم بالمرض. و يتم عادة تشخيص بقية أنماط السكري بطرق أخرى مثل الفحص الطبي الدوري ، اكتشاف ارتفاع مستوى غلوكوز الدم أثناء أجراء أحد التحاليل ؛ أو عن طريق وجود عرض ثانوي مثل تغيرات الرؤية أو التعب غير المبرر. و يتم عادة اكتشاف المرض عندما يعاني المريض من مشكلها يسببها السكري بكثرة مثل السكتات القلبية ، اعتلال الكلى ، بطئ التئام الجروح أو تقيح القدم ، مشكلة معينة في العين ، إصابة فطرية معينة أو ولادة طفل ضخم الجثة أو يعاني من انخفاض مستوى سكر الدم.

و يتميز السكري بارتفاع متقطع أو مستمر في غلوكوز الدم و يمكن الاستدلال عليه بواحد من القيم التالية:

• قياس مستوى غلوكوز الدم أثناء الصيام 126 مليجرام / ديسيلتر ( 7 مليمول / لتر ) أو أعلى.

• قياس مستوى غلوكوز الدم 200 مليجرام / ديسيلتر ( 11،1 مليمول / لتر ) أو أعلى و ذلك بعد ساعتين من تناول 75 جرام غلوكوز كما يُتبع في اختبار تحمل الغلوكوز.

• قياس عشوائي لمستوى غلوكوز الدم 200 مليجرام / ديسيلتر ( 11،1 مليمول / لتر ) أو أعلى.


جهاز قياس غلوكوز الدم
عندما تكون النتيجة إيجابية و لكن في غياب أعراض السكري يجب تأكيدها بطريقة أخرى من الطرق السابق ذكرها ( قياس صائم ، فاطر أو عشوائي ). و يفضل معظم الأطباء قياس مستوى الغلوكوز أثناء الصيام بسبب سهولة القياس و توفير الوقت ( ساعتان ) لإجراء اختبار تحمل الغلوكوز إذ إنه يجب الانتظار لمدة ساعتين بين تناول الغلوكوز و قياس مستواه في الدم و طبقاً للتعريف الحالي فإن قياسين لمستوى غلوكوز الدم عند الصيام نتيجتهما أعلى من 126 مليجرام / ديسيلتر ( 7 مليمول / لتر ) ، يتم اعتبارهما دلالة على الإصابة بالسكري.

يُعتبر المرضى الذين يتراوح مستوى غلوكوز دمهم أثناء الصيام ما بين 110 و 126 مليجرام / ديسيلتر ( 6،1 و 7 مليمول / لتر ) بأن لديهم اضطراب في مستوى غلوكوز الدم أثناء الصيام. أما عندما يكون المستوى 140 مليجرام / ديسيلتر ( 7،8 مليمول / لتر ) أو أعلى بعد ساعتين من تعاطي 75 جرام غلوكوز بالفم فيكون هناك ضعف تحمل للغلوكوز. و يُعتبر ضعف تحمل الغلوكوز خصوصاً بأنه يزيد من احتمال تطوره إلى سكري شديد مع مرض قلبي وعائي ( مرض في الجهاز الدوري ).

و على الرغم من إنه لا يستخدم للتشخيص ، إلا أن المستوى المرتفع للغلوكوز الذي يرتبط بهيموغلوبين الدم بصورة لا رجعية ( يُسمى الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي ) بنسبة 6% أو أعلى ( حسب المعيار المتخذ به في الولايات المتحدة الذي تمت مراجعته عام 2003 ) يُعتبر غير طبيعي بالنسبة لمعظم معامل التحاليل. و يُستخدم هذا القياس أساساً ( أي قياس نسبة الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي ) كاختبار لمدى فاعلية العلاج يعكس متوسط غلوكوز الدم على مدار التسعين يوماً السابقة ( تقريباً ). و لكن يمكن لبعض الأطباء أن يطلبوا إجراء هذا الاختبار وقت التشخيص لتتبع التغيرات التي حدثت من قبل. و النسبة الموصى بها للهيموغلوبين الغليكوزيلاتي لمرضى السكري هي أقل من 7% و التي تُعتبر دلالة على التحكم الجيد في غلوكوز الدم و لكن يوصي بعض الأطباء بنسب أكثر صرامة ( اقل من 6،5% ). و يقل احتمال حدوث مضاعفات مثل اعتلال الشبكية أو اعتلال الكلى السكري عند المرضى بالسكري الذين يحافظون على مستوى الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي بين 6،5 – 7%.

الفحص

يُوصى بعمل فحص السكري للعديد من الأفراد في مراحل حياتهم المختلفة و كذلك لأولئك الذين لديهم احتمال عالي للإصابة بالمرض. و تتنوع اختبارات الفحص طبقاً للظروف و السياسة الصحية المحلية و تتضمن هذه الاختبارات القياس العشوائي لغلوكوز الدم، قياس غلوكوز الدم أثناء الصيام و قياس غلوكوز الدم بعد ساعتين من تناول 75 جرام غلوكوز أو حتى اختبار قياس تحمل الغلوكوز الرسمي. و يُوصى بعمل فحص طبي شامل للبالغين من العمر 40 أو 50 عاماً و بصورة دورية بعد تخطي هذا العمر. و يُوصى عادة بهذا الفحص مبكراً لأولئك الذين لديهم احتمال عالي للإصابة مثل المرضى البدينين ، تاريخ عائلي من الإصابة بالسكري أو بعض الأجناس البشرية التي يكثر فيها الإصابة بالمرض مثل ( اللاتينيين الهسبان ، الأمريكيون الأصليون ، الأفريقيين الكاريبيين ، سكان جزر المحيط الهادئ و المنحدرين من جنوب آسيا ).

و يصاحب السكري العديد من الحالات المرضية التي تتطلب الفحص لمعرفة إذا كان المريض مصاباً بالسكري أم لا مثل ارتفاع ضغط الدم ، ارتفاع مستوى الكوليسترول ، مرض في الشريان التاجي ، مرحلة ما بعد سكري الحوامل ، متلازمة تعدد الحويصلات في الرحم ، التهاب البنكرياس المزمن ، تراكم الدهون على الكبد ، داء تلون الدم ، تليف كيسي ، العديد من العلل الميتوكوندرية للأعصاب و علل العضلات ، الحثل العضلي و رنح فريدريك ، و بعض الأنواع المُورثة من زيادة الأنسولين عند حديثي الولادة. و يزيد الاستخدام المزمن لبعض الأدوية من احتمال الإصابة بالسكري مثل استخدام الكورتيزونات بجرعات عالية ، بعض أدوية المعالجة الكيمائية (خصوصاً ل – اسباراجينيز) ، و كذلك بعض أدوية العلاج النفسي و ضبط المزاج ( خصوصاً الفينوثيازينات و بعض مضادات الذهان غير النمطية ).

و يُفحص المرضى الذين تأكدت إصابتهم بالسكري دورياً للتحكم في المضاعفات. و هذا يتضمن اختبارات سنوية للبول لقياس البول الزلالي الدقيق و فحص شبكية العين ( تصوير الشبكية ) لتحديد مدى اعتلالها. و في المملكة المتحدة ، ساعد فحص الشبكية لمرضى السكري على تقليل عدد المصابين بالعمى جراء هذا المرض.

الوقاية

توجد العديد من العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بالنمط الأول من السكري و منها التهيؤ الجيني للإصابة بالمرض و يرتكز هذا التهيؤ على جينات تحديد الأجسام المضادة لكرات الدم البيضاء ( خصوصاً الأنواع DR3 و DR4 ) ، أو وجود محفز بيئي غير معروف ( يمكن أن يكون عدوى معينة ، على الرغم من أن هذا الأمر غير محدد أو مُتأكد منه حتى الآن في جميع الحالات ). أو المناعة الذاتية التي تهاجم الخلايا باء التي تنتج الأنسولين. و ترجح بعض الأبحاث أن الرضاعة الطبيعية تقلل احتمال الإصابة بالمرض. و قد تم دراسة العديد من العوامل المرتبطة بالتغذية التي قد تزيد أو تقلل احتمال الإصابة بالمرض و لكن لا يوجد دليل قاطع على مدى صحة هذه الدراسات. فمثلاً تقول إحدى الدراسات أن إعطاء الأطفال 2000 وحدة دولية من فيتامين د بعد الولادة يقلل من احتمال الإصابة بالنمط الأول من السكري .

و دراسة أخرى تقول أن الأطفال الذين لديهم أضداد ( antibodies ) لجزر لانجرهانز و لكن بدون ظهور السكري عليهم و يتم معالجتهم بفيتامين ب 3 ( نياسين ) تقل لديهم الإصابة بالمرض إلى أقل من النصف خلال فترة سبع سنوات بالمقارنة بجميع الأطفال عامة الذين شملتهم الدراسة بل إنه حتى يقل احتمال إصابتهم بالمرض عند مقارنتهم بالأطفال الذين لديهم أضداد و لكن لا يتناولون فيتامين ب 3.

و يمكن تقليل احتمال الإصابة بالنمط الثاني من السكري بتغيير نمط التغذية و زيادة النشاط البدني. و توصي الجمعية الأمريكية للسكري بالحفاظ على وزن صحي و ممارسة الرياضة لمدة ساعتين و نصف أسبوعيا ( المشي السريع يؤدي الغرض ) و تناول الدهون باعتدال و تناول كمية كافية من الألياف و الحبوب الكاملة. و لا توصي الجمعية بتناول الكحول للوقاية ، و لكن من المثير للاهتمام أن تناول الكحول باعتدال قد يقلل من مخاطر الإصابة ( و لكن الإفراط في شرب الكحوليات يدمر أنظمة الجسم بصورة خطيرة ). و لا يوجد أدلة كافية على أن تناول الأغذية شحيحة السكريات يمكن أن تكون مفيدة طبياً .

و أظهرت بعض الدراسات أن استخدام الميتفورمين ، الروزيجليتازون أو الفالسارتان كوقاية يمكن أن يؤخر الإصابة بالسكري في المرضى المهيئين لذلك. و تقل الإصابة بالسكري بنسبة 77% في المرضى الذين يستخدمون الهيدروكسي كلوراكين لعلاج التهاب المفاصل الروماتيزمي. و يمكن أيضاً للرضاعة الطبيعية أن تقي من الإصابة بالنمط الثاني من السكري في الأمهات .

العلاج


إن السكري مرض متعذر البرء حالياً، أي لا يشفى. و يتم التركيز في علاجه على التضبيط أو تفادي المتاعب قصيرة أو طويلة المدى التي يمكن أن يسببها المرض. و يوجد دور استثنائي و هام لمعرفة المريض بالمرض والتغذية الجيدة والنشاط البدني المعتدل ومراقبة المريض لمستوى غلوكوز دمه بهدف الحفاظ على مستويات غلوكوز الدم في المدى القريب و حتى البعيد في النطاق المقبول. و يقلل التضبيط الدقيق من مخاطر المضاعفات بعيدة المدى. و يمكن تحقيق ذلك نظرياً عن طريق التغذية المعتدلة وممارسة الرياضة وخفض الوزن (خصوصاً في النمط الثاني) وتناول خافضات السكر الفموية في النمط الثاني واستخدام الأنسولين في النمط الأول (علماً أن الحاجة إليه تزداد في النمط الثاني عندما لا يستجيب المريض كفاية لخافضات السكر الفموية فقط). و بالإضافة إلى ذلك فإنه بالنظر إلى الاحتمال العالي للإصابة بمرض قلبي وعائي ، يجب تغيير نمط الحياة لتضبط ضغط الدم و نسبة الكوليسترول عن طريق التوقف عن التدخين و تناول الغذاء المناسب و ارتداء جوارب السكري و تناول دواء لتقليل الضغط إذا دعت الحاجة لذلك. و تتضمن العديد من علاجات النمط الأول استخدام الأنسولين العادي أو أنسولين الخنزير المضاف إليه البروتامين المتعادل ( NPH ) ، و/أو نظائر الأنسولين المختلفة مثل الهومالوج ، النوفولوج أو الإبيدرا ؛ أو الجمع بين اللانتوس / ليفيمير و الهومالوج ، النوفولوج و الإبيدرا. و يوجد خيار آخر لعلاج النمط الأول و هو استخدام مضخة أنسولين من أشهر أنواع العلامات التجارية مثل كوزمو ، انيماس ، ميدترونيك ميني ميد و أومنيبود.

 

مضخة أنسولين متصلة بمريض السكري عن طريق جهاز تسريب تحت الجلد.



يُعنى بالمريض خارج المستشفيات بصورة أساسية في البلاد التي يُطبق فيها نظام الممارس العام مثل المملكة المتحدة. و في حالة الإصابة بمضاعفات ، صعوبة التحكم في غلوكوز الدم أو لإجراء أبحاث على المرض يتم العناية بالمريض داخل المستشفى بواسطة أخصائي. و يمكن أن يتشارك الممارس العام مع الأخصائي في العناية بالمريض في بعض الأحوال كفريق عمل. و يمكن الاستعانة بأخصائي قياسات بصرية ، أخصائي / خبير بالقدمين ، أخصائي تغذية ، أخصائي علاج طبيعي ، ممرضات متخصصات ( مثل ملقنات معتمدات لمرض السكري أو الممرضات المتخصصات في السكري ) أو ممرضات ممارسات للعمل سوياً لتقديم تدريب متعدد للمريض على إتباع نظام العلاج. أما في البلاد التي يجب على المريض أن يعتني بصحته بنفسه ( مثال في العالم المتقدم : الولايات المتحدة ) فإن تكلفة العناية بمريض السكري تكون مرتفعة و تفوق قدرة المريض بالإضافة إلى الأدوية و المستلزمات الأخرى التي يحتاجها. و يُنصح المرضى عادة باستشارة الطبيب كل ثلاثة إلى ستة أشهر على الأقل.

الشفاء

شفاء النمط الأول من السكري

لا يوجد علاج عملي للنمط الأول من السكري. و يرجع سبب الإصابة به إلى فشل أحد أنواع الخلايا الخاصة بعضو وحيد يقوم بوظيفة بسيطة نسبياً و قد أدت هذه الحقيقة إلى القيام بالعديد من الدراسات لمحاولة إيجاد علاج ممكن لهذا النمط و معظمها ركزت على زرع بنكرياس أو خلايا باء بديلة. يمكن اعتبار إن المرضى الذين أجروا عملية زرع بنكرياس أو بنكرياس و كلية ( عندما تطور لديهم فشل كلوي سكري ) و أصبحوا لا يتعاطون الأنسولين قد " شفوا " من السكري. و قد أصبحت عملية زرع بنكرياس و كلية في نفس الوقت حلاً واعداً و لها نفس معدلات النجاح أو أعلى من عملية زرع كلية فقط و لكن هذه العملية تتطلب عموماً أدوية مثبطة للمناعة على المدى البعيد و يبقى هناك احتمال أن يرفض الجهاز المناعي العضو المزروع.

و قد تم إجراء عمليات زرع خلايا باء غريبة عن الجسم المزروعة فيه تجريبياً على الفئران و البشر ، و لكن تبقى هذه الطريقة غير عملية في الممارسة الطبية المعتادة و يرجع ذلك جزئياً إلى ندرة المتبرعين بالخلايا باء. و مثلها مثل أي عملية زرع عضو غريب فإنها تثير الجهاز المناعي و يتم الاستعانة بأدوية تثبط الجهاز المناعي لمدة طويلة لحماية العضو المزروع. و قد تم اقتراح طريقة بديلة لوضع خلايا باء المزروعة في وعاء شبة منفذ لعزلها و حمايتها من الجهاز المناعي. و قد منحت أبحاث الخلايا الجذعية طريقاً ممكناً للشفاء لأنها قد تسمح لإعادة نمو خلايا جزر متطابقة جينياً مع الشخص المزروعة فيه و يمكن بذلك الاستغناء عن أدوية تثبيط المناعة. و قد أظهرت محاولة أجريت عام 2007 على 15 مريض شُخص لديهم النمط الأول حديثاً و تم معالجتهم بخلايا جذعية مأخوذة من نخاع عظامهم بعد تثبيط مناعتهم أن الغالبية العظمى استغنوا عن تعاطي الأنسولين لفترة طويلة.

و يُبحث الآن في استخدام التقنية الدقيقة و تقنية النانو لعلاج النمط الأول من السكري. و تقترح إحدى الطرق زرع خزانات أنسولين تفرز الهرمون عن طريق صمام سريع حساس لمستوى غلوكوز الدم. و قد تم وضع نموذجين على الأقل و تجربتهما خارج الجسم. و هذه النماذج يمكن اعتبارها مضخات أنسولين مغلقة العروة.

شفاء النمط الثاني من السكري

يمكن شفاء حوالي 80 – 100% من مرضى النمط الثاني من السكري شديدي السمنة عن طريق إجراء أحد أنواع عمليات تدبيس المعدة. و لا يرجع تأثير العملية إلى خسارة الوزن لأن علامات الشفاء تظهر خلال أيام من العملية أي قبل أن تحدث خسارة كبيرة لوزن المريض. و السبب الحقيقي هو تغير نمط إفراز هرمونات الجهاز الهضمي بسبب الالتفاف ( تدبيس المعدة ) و إزالة الاثنى عشر و الصائم الداني اللذان يشكلان معاً الجزء العلوي ( الداني ) من الأمعاء الدقيقة. و ترجح إحدى النظريات حدوث عطل في وظيفة الأمعاء الدقيقة العلوية عند الإصابة بالنمط الثاني ؛ و لذلك فإن استئصالها يزيل مصدر لهرمون مجهول يساهم في زيادة مقاومة الأنسولين. و قد تم إجراء هذه العملية على نطاق واسع للمرضى الذين يعانون من بدانة مرضية و قد أفادت في تقليل معدل الوفيات لأي سبب إلى نسبة 40% و قد تم إجراء عمليات مماثلة لعدد قليل من المرضى ذوي بدانة عادية أو متوسطة.

ما بعد المرض

إن تعلم المريض ، و تفهمه و مشاركته لهم دور حيوي في تقليل مضاعفات مرض السكري لأن هذه المضاعفات تكون أقل شيوعاً و أقل حدةً في المرضى الذين يتحكمون في مستويات غلوكوز دمهم جيداً. و تسرع المشكلات الصحية المنتشرة من الآثار الضارة لمرض السكري مثل التدخين، ارتفاع ضغط الدم و عدم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام. و طبقاً لإحدى الدراسات فأن احتمال الإصابة بالسكري تتضاعف ثلاثة مرات في النساء ذوات ضغط الدم المرتفع.

و من المثير للاهتمام وجود دليل يرجح إن بعضاً من المصابين بالنمط الثاني من السكري الذين يمارسون التمارين الرياضية بانتظام و يخسرون بعضاً من وزنهم و يأكلون طعاماً صحياً يمكن أن يبقوا بعضاً من آثار المرض في حالة " ارتخاء ". و يمكن أن تساعد هذه النصائح الأفراد المهيئين للإصابة بالنمط الثاني و كذلك أولئك الذين في مرحلة بداية السكري على منع تطور حالتهم لتصبح مرضاً كاملاً لأن هذه الممارسات تساعد على استعادة استجابة الجسم للأنسولين. و لكن يجب على المريض أن يستشير الأطباء بخصوص إتباع هذه الممارسات لمعرفة النتائج المترتبة عليها قبل ممارستها ( خصوصاً لتفادي هبوط مستوى غلوكوز الدم أو أي مضاعفات أخرى ) ؛ و يوجد القليل من الأفراد الذين يبدوا إنهم قد ابقوا المرض في حالة " ارتخاء " كاملة ، و البعض الآخر يمكن أن يجدوا أنهم يحتاجون القليل من أدويتهم لأن الجسم يحتاج أنسولين قليل أثناء أو بعد ممارسة الرياضة. و بغض النظر عن مدى فاعلية هذه الممارسات إذا كانت تفيد بعض الأفراد أو لا تفيد بالنسبة لمرض السكري ، توجد بالتأكيد فوائد أخرى لنمط الحياة الصحي للأفراد سواء المصابون بالسكري أو غير المصابين.

تتغير طريقة التحكم في مرضى السكري بتقدم العمر لأن إنتاج الأنسولين يقل بضعف الخلايا باء البنكرياسية. بالإضافة إلى زيادة مقاومة الأنسولين بسبب تأكل النسيج اللحمي ، تراكم الدهون خصوصاً داخل البطن و ضعف استجابة الأنسجة للأنسولين. و يضمحل تحمل الغلوكوز باطراد مع تقدم العمر مما يؤدي إلى زيادة الإصابة بالنمط الثاني من السكري وارتفاع غلوكوز الدم. و يصاحب عدم تحمل الغلوكوز المرتبط بتقدم السن مقاومة للأنسولين ، على الرغم من أن مستويات الأنسولين في الدم تكون مماثلة لتلك الموجودة في الشباب. و تتنوع أهداف علاج المرضى المسنين على حسب الشخص المُعالج و يجب الأخذ في الاعتبار الحالة الصحبة ، العمر المتوقع ، مستوى الاعتماد ( على النفس ) و إرادة المريض لإتباع نظام العلاج

المضاعفات الحادة

تحمض الدم الكيتوني السكري

أن تحمض الدم الكيتوني السكري هو مضاعفة طارئة ، حادة و خطيرة. و يؤدي نقص الأنسولين إلى قيام الكبد بتحويل الدهون إلى أجسام كيتونية التي يستخدمها المخ كوقود. و لكن يؤدي ارتفاع مستويات الأجسام الكيتونية إلى انخفاض الرقم الهيدروجيني للدم مما يسبب ظهور معظم أعراض تحمض الدم الكيتوني. و عند إدخال المريض للمستشفى ، تكون الأعراض الظاهرة عليه عادة هي جفاف و تنفس سريع و عميق. و يشيع مغص البطن و يمكن أن يكون شديداً. و يكون المريض واعياً عادة و يبدأ فقدان الوعي في مراحل متقدمة من الحالة عندما يتطور الخمود إلى غيبوبة. و يمكن أن يصبح تحمض الدم الكيتوني شديداً كفاية ليسبب انخفاض ضغط الدم ، صدمة مما يؤدي للوفاة. و يكشف تحليل البول وجود كميات كبيرة من الأجسام الكيتونية ( التي تأتي من الدم عندما ترشحه الكلى ). و يؤدي العلاج المناسب إلى العودة الكاملة للحالة الطبيعية و لكن يمكن أن يتوفى المريض إذا لم يتلقى العلاج الكافي في أسرع وقت لتلافي المضاعفات. و يشيع تحمض الدم الكيتوني في مرضى النمط الأول أكثر من النمط الثاني.

غيبوبة ضغط اسموزي لا كيتونية

إن حالة غيبوبة الضغط الاسموزي اللاكيتونية هي مضاعفة حادة يصاحبها العديد من أعراض تحمض الدم الكيتوني ، و لكن بسبب و علاج مختلفين تماماً. عندما يرتفع مستوى غلوكوز الدم ( يُعتبر مرتفعاً فوق 300 مليجرام / ديسيلتر ( 16 مليمول / لتر ). يُسحب الماء من الخلايا إلى الدم عن طريق الاسموزية و تصرف الكلى الغلوكوز في البول و هذا يؤدي إلى فقد الماء و زيادة اسموزية الدم. و إذا لم يتم إحلال السوائل المفقودة ( عن طريق الفم أو الوريد ) ، سيؤدي التأثير الاسموزي لمستويات الغلوكوز المرتفعة مع فقد الماء إلى الجفاف. و ستصبح خلايا الجسم جافة باطراد طالما أن الماء ُيؤخذ منها و يُخرج من الجسم عن طريق البول ، و يشيع اختلال توازن أملاح الجسم و يكون خطيراً على المريض. و كما ينطبق على تحمض الدم الكيتوني ، يجب علاج هذه الحالة بصورة عاجلة ، و خصوصاً علاج الجفاف عن طريق إحلال السوائل المفقودة. و يمكن أن يتطور الخمود إلى غيبوبة ، و هي شائعة في النمط الثاني من السكري أكثر من النمط الأول.

انخفاض غلوكوز الدم

إن انخفاض غلوكوز الدم هو مضاعفة ناتجة عن العديد من أدوية السكري. و يمكن أن تظهر إذا كان تناول المريض للغلوكوز لا يغطي العلاج الذي يُؤخذ. و يمكن أن يصبح المريض مضطرباً ، غزير العرق و لديه أعراض استثارة الجهاز العصبي السيمبثاوي اللاإرادي مما يؤدي إلى شعوره بالخوف المستمر و يمكن أن يهتز وعيه أو حتى يمكنه أن يفقد الوعي في الحالات الشديدة مما يؤدي إلى الغيبوبة ، أو حتى تدمير المخ و الموت. و بالنسبة لمرضى السكري ، توجد العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض غلوكوز الدم مثل الإفراط في استخدام الأنسولين آو استخدامه في أوقات غير مناسبة ، الإفراط في الرياضة أو ممارستها في أوقات غير مناسبة (الرياضة تقلل طلب الجسم للأنسولين) أو عدم تناول الكافي من الطعام ( خصوصاً الكربوهيدرات المنتجة للغلوكوز ) ، و لكن كل ما سبق من أسباب يُعتبر مجرد تفسير سطحي يحتاج إلى دقة.

و التفسير الدقيق للأمر هو أن انخفاض غلوكوز الدم الدوائي ينتج عادة عن التفاعل بين الزيادة المطلقة (أو النسبية) في الأنسولين و ضعف استرداد الغلوكوز في الدم بالنسبة لمرضى النمط الأول و النمط الثاني المتقدم. و من العوامل التي تلعب دوراً كبيراً في منع أو التصحيح السريع لانخفاض غلوكوز الدم و تقوم باسترداد الغلوكوز هي قلة الأنسولين ، زيادة الجلوكاجون أو غيابه و زيادة الإبينيفرين. و في حالة السكري المعتمد على الأنسولين فإن مستويات الأنسولين الخارجي الذي يتم تعاطيه لا تنخفض بانخفاض غلوكوز الدم و بالإضافة إلى ذلك فإن نقص الجلوكاجون و الإبينيفرين تؤدي إلى ضعف استرداد الغلوكوز في الدم.

و يمكن أن يؤدي ضعف الاستجابة السيمباثاوية للغدة الدرقية إلى عدم وعي الجسم بانخفاض غلوكوز الدم. و يعني مصطلح انخفاض غلوكوز الدم المرتبط بفشل الجهاز العصبي اللاإرادي أن حدوث انخفاضات لغلوكوز الدم تسبب كل من ضعف استرداد غلوكوز الدم و عدم وعي الجسم بحدوث انخفاض غلوكوز الدم. و تؤدي انخفاضات غلوكوز الدم إلى حلقة مفرغة من تكرر انخفاضات غلوكوز الدم و ضعف أكثر للآلية استرداد الغلوكوز. و في العديد من الحالات ( و لكن ليس كلها ) فإن تفادي انخفاض غلوكوز الدم على المدى القريب يمكن أن يعيد للجسم وعيه بانخفاض مستوى غلوكوز الدم في معظم المرضى المصابين و لكن ذلك صحيح نظرياً أكثر منه عملياً.

و يُعالج انخفاض غلوكوز الدم في معظم الحالات بالمشروبات و المأكولات السكرية. و تُعالج الحالات الشديدة بحقن الجلوكاجون ( هرمون له تأثيرات معاكسة للأنسولين ) أو بتسرب وريدي للدكستروز إذا كان فاقد الوعي. و يُستخدم عادة الدكستروز الوريدي في المستشفيات.

المضاعفات المزمنة

يؤدي الارتفاع المزمن لغلوكوز الدم إلى تلف الأوعية الدموية. و لأن الخلايا المبطنة للأوعية الدموية لا تعتمد على الأنسولين فإنها تمتص الغلوكوز أكثر من المعتاد. و يؤدي ذلك إلى تكون جلوكوبروتينات سطحية زائدة عن الحد الطبيعي و يسبب نمو اسمك و لكن أضعف للغلاف الوعائي. و في حالة السكري ، تُصنف هذه الحالة كمرض شعيرات دموية ( و ذلك لأن الأوعية الصغيرة هي التي تتلف ) و كذلك يُصنف كمرض للأوعية الكبيرة ( لأن نتيجته تلف الشرايين ).

 و يؤدي تلف الشعيرات الدموية إلى واحد أو أكثر من الحالات التالية :

  • اعتلال الشبكية السكري ، عند نمو أوعية دموية جديدة في الشبكية تكون هشة و ضعيفة و منخفضة الكفاءة و كذلك يحدث ارتشاح في بقعة الشبكية الذي يمكن أن يؤدى إلى فقدان الرؤية أو العمى. أن تلف الشبكية ( نتيجة اعتلال الشعيرات الدموية ) هو السبب الرئيسي للعمى بين البالغين غير المسنين في الولايات المتحدة.
  • اعتلال الأعصاب السكري ، نقص أو اختلال الإحساس عادةً في منطقة اليد و القدم و تبدأ في القدمين و لكن يحتمل أن تصيب أعصاب أخرى ، تصيب اليدين و الأصابع لاحقاً. و عندما يصاحبها تلف الأوعية الدموية يمكن أن يؤدي ذلك إلى القدم السكرية ( انظر أسفل الصفحة ). و توجد أنواع أخرى من اعتلال الأعصاب السكري مثل التهاب الأعصاب البسيط أو اعتلال الجهاز العصبي اللاإرادي. و يؤدي اعتلال الأعصاب إلى ضمور العضلات السكري.
  • اعتلال الكلى السكري ، تلف الكلى الذي يمكن أن يؤدي إلى فشل كلوي مزمن ، الذي يتطلب غسيل كلوي و الجدير بالذكر أن السكري هو أكثر الأسباب شيوعاً للإصابة بالفشل الكلوي في البالغين على مستوى العالم.

و تؤدي أمراض الأوعية الدموية الكبيرة ، التي يصاحبها تصلب عصيدي متسارع ، إلى مرض قلبي وعائي مثل :

  • مرض في الشريان التاجي ، يؤدي إلى ذبحة صدرية أو احتشاء عضلة القلب ( " سكتة قلبية" ).
  • سكتة ( نتيجة لقلة الدموية الموضعية ).
  • مرض وعائي طرفي يشارك في الإصابة بالعرج المتقطع.
  • نخر العظام السكري.



إن القدم السكرية التي يسببها اعتلال الأعصاب و مرض شرياني ، يمكن أن تسبب تقرح أو إصابة جلدية. و يمكن أن تسبب في الحالات الخطيرة نخر و غرغرينة. و لذلك فإن مرضى السكري معرضون للإصابة بعدوى في الأرجل أو القدمين و كذلك يأخذون وقتاً أطول لالتئام جراح القدمين أو الرجلين. و لذلك فإن السكري هو أكثر الأسباب شيوعاً للبتر في البالغين – خصوصاً بتر أصابع القدمين أو القدم نفسها – في العالم المتقدم.

تقرحات القدم السكرية


و لا يحدث عادة ضيق الشريان السباتي في حالة السكري ، و على ما يبدو فإن تضخم الأوعية الدموية الأبهري البطني قليل الانتشار في مرضى السكري. و على الرغم من ذلك فإن السكري يؤدي إلى الوفاة و الموت بصورة عالية و كذلك يزيد من مخاطر إجراء العمليات إذا كان يصاحبه الحالتان سابقتان الذكر.

وبائيات المرض

يعاني من مرض السكري حوالي 171 مليون شخص حول العالم طبقاً لمنظمة الصحة العالمية عام 2000 و المرض في تزايد مستمر و سريع و بحلول عام 2030 فإنه من المرجح أن هذا الرقم سيتضاعف. و ينتشر المرض حول العالم و لكنه أكثر شيوعاً ( خصوصاً النمط الثاني منه ) في الدول الأكثر تقدماً. و لكن الزيادة الأكبر في عدد المرضى يُتوقع أن تحدث في آسيا و أفريقيا حيث سيوجد معظم المرضى بحلول عام  2030. و ترجع الزيادة في الإصابة بمرض السكري في الدول النامية إلى التحضر و التغيرات في نمط المعيشة خصوصاً التغذية على النمط " الغربي ". و هذا يرجح أن سبب المرض هو بيئي " غذائي " ، و لكن لا يوجد فهم و شرح واضح لآلية الإصابة بالمرض ، لكن يوجد فقط تخمينات يتم عرضها و كأنها هي الحقيقة.

و يوجد مرض السكري في قائمة الأمراض العشرة الأهم في العالم المتقدم ، بل و ربما في قائمة الخمس الأهم و يتقدم المرض إلى أعلى القائمة ليس في العالم المتقدم فقط بل و كذلك في بقية المناطق الأخرى في العالم.

و قد تزايدت معدلات الإصابة بالمرض خلال العشرين عاماً الماضية في أمريكا الشمالية بصورة مطردة. في العام 2005 كان يوجد 20،8 مليون مصاب بالمرض في الولايات المتحدة فقط. و طبقاً لجمعية السكري الأمريكية ، فإنه يوجد حوالي 2،6 مليون شخص غير مشخص إصابته بالمرض و حوالي 41 مليون يمكن اعتبارهم في بداية المرض. و على الرغم من ذلك فإن معايير تشخيص مرض السكري في الولايات المتحدة تعني أن المرض أكثر تشخيصاً من بعض البلدان الأخرى. و قد اعتبرته مراكز السيطرة على الأمراض وباءاً. و يؤكد مركز المعلومات القومي لمرض السكري ( كليرنجهاوس ) بالولايات المتحدة أن المرض يكلف الولايات المتحدة نفقات تقدر بـ 132 مليار دولار كل عام. و تصل نسبة المصابين بالنمط الأول في أمريكا الشمالية حوالي 5 – 10% ، وباقي النسبة نمط ثاني. و تختلف نسبة المصابين بالنمط الأول من السكري باختلاف البلدان ، و يرجع ذلك إلى اختلاف معدلات الإصابة بالنمط الأول من السكري و كذلك اختلاف معدلات الإصابة بالأنواع الأخرى من المرض : في الأغلب النمط الثاني من السكري. و لا يوجد تفسير واضح لاختلاف معدلات الإصابة بالمرض باختلاف المناطق و البلدان حول العالم. و قد أشارت جمعية السكري الأمريكية إلى دراسة أُجريت عام 2003 بواسطة المركز الوطني للوقاية من الأمراض المزمنة و تحسين الصحة ( مراكز السيطرة و الوقاية من الأمراض ) أن واحد من كل ثلاثة أمريكيين وُلد بعد 2000 سيصاب بالمرض خلال حياته.

و طبقاً لجمعية السكري الأمريكية فإنه حوالي 18،3% ( 8،6 مليون ) من الأمريكيين البالغين 60 عاماً أو أكثر يعانون من مرض السكري. و يزداد انتشار المرض بالتقدم بالعمر ، و يُتوقع زيادة أعداد العجائز المصابين بالمرض و ذلك لزيادة أعدادهم نتيجة لارتفاع متوسط العمر. و قد أظهرت دراسة في الولايات المتحدة متعلقة بالصحة و التغذية أن المسنين فوق 65 عاماً، 18 – 20% منهم لديهم سكري، و 40% منهم أما مصابون بالمرض أو لديهم العامل المؤدي للمرض ( ضعف تحمل الغلوكوز ).

 المراجع:

 ويكيبيديا الموسوعة الحرة

منظمة الصحة العالمية

 


آخر تحديث
6/26/2014 5:50:26 AM